الهيدروجين في السعودية.. كيف تقود المملكة العالم نحو الوقود الجديد؟
ليس غريبًا أن تتجه أنظار العالم إلى الهيدروجين في السعودية، خاصة أن المملكة أعلنت خططًا طموحة للريادة في هذا المجال، وبصفة الهيدروجين أكثر المصادر الواعدة لتحقيق الحياد الكربوني.
وفي ظل المنافسة الشرسة بين الدول، تسعى السعودية لتصبح موردًا عالميًا للهيدروجين، وتتطلع أكبر مصدّر للنفط لأداء دور قيادي في قطاع الوقود النظيف خلال العقود المقبلة، لكن الشكّ يساور بعضهم.
فالتخطيط جارٍ على قدم وساق لتطوير مصنع هيدروجين بمليارات الدولارات على الشواطئ الشمالية الغربية للسعودية، إذ تراهن البلاد على لقب أكبر منتج لمصدر الطاقة النظيف.وحال تحقيق هدف الإنتاج اليومي البالغ 650 طنًا من الهيدروجين الأخضر الصديق للبيئة، ستتحقق آمال المملكة.ومن المتوقع بدء إنشاء المحطة في مدينة نيوم على ساحل البحر الأحمر بحلول عام 2026، حسب صحيفة فاينانشال تايمز.
تنويع الاقتصاد بعيدًا عن الوقود الأحفوري
ويرجع ذلك إلى إمكان استخدام الوقود النظيف في تشغيل السيارات والصناعة وتدفئة المنازل وتزويدها بالكهرباء.
- الهيدروجين في السعودية.. المملكة تعرض نقله إلى أوروبا عبر خط أنابيب
لذا وضعت السعودية خططًا للهيمنة على إنتاج الهيدروجين ضمن محاولتها لتنويع الاقتصاد المعتمد على النفط والغاز وخلق فرص العمل.
فخلال العام الماضي، سجلت ميزانية السعودية من الإيرادات النفطية نحو 149 مليار دولار (60%)، وتحتاج المملكة إلى تنويع مصادر الدخل مع تحوّل الطلب العالمي بعيدًا عن الوقود الأحفوري.
وصرّح وزير الطاقة السعودي الأمير عبدالعزيز بن سلمان، في وقت سابق من هذا الشهر، أن بلاده تتطلع إلى المشاركة في قطاع الهيدروجين، قائلًا: “نحن نعرف على وجه اليقين أننا سنصبح أكثر المنتجين قدرة على التنافس”.
قدرات إنتاج الهيدروجين في السعودية
قال المحلل الرئيس لقسم التنقيب والإنتاج بالشرق الأوسط لدى شركة وود ماكنزي، ألكسندر أرامان، إن السعودية تراهن على إنتاج كل من الهيدروجين الأخضر والأزرق.
إذ يمكن إنتاج الهيدروجين الأخضر الأكثر صداقة للبيئة باستخدام الكهرباء المتجددة لفصل المياه.
وتتمتع الشواطئ الشمالية الغربية للمملكة بمناخ مناسب لإنتاج الهيدروجين، بداية من أشعة الشمس المتوفرة على مدار العام والرياح، ويمكن من خلالهما تشغيل الألواح الشمسية وطواحين الهواء.
أمّا الهيدروجين الأزرق، فيتكون من فصل جزيء الميثان في الغاز الطبيعي واحتجاز الكربون، وأعلنت الرياض أنها ستخصص حقل غاز لهذا الغرض.

مشروعات الهيدروجين
تتعاون شركة إير بروداكتس، ومقرّها الولايات المتحدة، وشركة أكوار باور السعودية، وشركة نيوم لتطوير مصنع الهيدروجين في البحر الأحمر.
ووقّعت الشركات الـ3 في عام 2020 اتفاقية شراكة لبدء تأسيس المنشأة في منطقة نيوم ضمن مساعيها لتصدير الوقود النظيف إلى العالم.
لكن الدافع الأساس وراء المبادرات الخضراء في السعودية كان صندوق الاستثمارات العامة الذي يتولى رئاسته ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، وهو صندوق سيادي سعودي يبلغ حجم أصوله 500 مليار دولار.
وبالإضافة إلى مصنع نيوم، وقّع صندوق الاستثمارات العامة مذكرة تفاهم مع شركتي سامسونغ وبوسكو، الشهر الماضي، لدراسة تنفيذ مشروع يستهدف تصدير الهيدروجين.
كما إن نيوم تهدف إلى تطوير مصنع لبناء سيارات تعمل بخلايا الهيدروجين.
وعلّق مدير مشروع الهيدروجين في نيوم، رولاند كيبنر، على التطورات الضخمة التي تشهدها البلاد، قائلاً: “جاء المشروع السعودي الجديد في توقيت مناسب لعالم يبحث عن وسائل لاستبدال الوقود الأحفوري”.
ويرى كيبنر أنه لا يمكن إزالة الكربون من جميع الصناعات بمجرد كهربتها.
تحديات الإنتاج
لا يواجه قطاع الهيدروجين تحديات في عمليات الإنتاج فحسب، بل يصعب تخزينه ونقله، إلى جانب تكلفته الباهظة.
ويرى الرئيس التنفيذي لشركة قمر إنرجي، روبن ميلز، أن المسألة الآن تتعلق بالتكلفة، قائلاً: “هل العملاء على استعداد لتحمّل ذلك؟”.
وأضاف أن المملكة العربية السعودية لديها مقومات جيدة؛ فالبلاد تتمتع بموارد غنية من الطاقة الشمسية وطاقة الرياح ووفرة الأراضي، بالإضافة إلى موقعها المتميز الذي يسمح بالتصدير إلى أوروبا، وحان الوقت لإثبات قدراتها.
وفي هذا الشأن، قال وزير الطاقة السعودي، الأمير عبد العزيز بن سلمان، إن بلاده تُقدّم أقلّ تكلفة متوسط إنتاج للنفط والغاز في العالم، وستكون المنتج الأقلّ تكلفة للكهرباء من الطاقة المتجددة.
المنافسة الشرسة
لدى العديد من الدول الأخرى تطلّعات هائلة لإنتاج الوقود النظيف.
فروسيا تهدف للاستحواذ على 20% من سوق الهيدروجين بحلول عام 2030، كما إن الإمارات أعلنت تطوير مصنع للهيدروجين ونيّتها للهيمنة على حصة سوقية تصل إلى 25% بحلول العام نفسه.
بالإضافة إلى خطط عمان والمغرب ومصر لإنشاء مصانع لإنتاج الهيدروجين.
- تجارة الهيدروجين في السعودية.. المملكة تسعى لتكون لاعبًا رئيسًا عبر الأمونيا الزرقاء
لكن المنافسة بين الإمارات والسعودية شرسة، فرغم أن البلدين جارتان ودولتان حليفتان، لكنهما خصمان في قطاع النفط، وستخوضان -أيضًا- منافسة لإنتاج الهيدروجين وتصديره.
ففي سبتمبر/أيلول 2020، أصبحت السعودية أول دولة تصدّر الأمونيا إلى اليابان، وهي وسيلة سهلة لنقل وتخزين الهيدروجين.
وبعد ذلك بعام، أعلنت شركة أدنوك إطلاق أولى شحناتها من الأمونيا إلى اليابان -أيضًأ- ضمن مساعيها لتطوير سلاسل توريد جديدة.
وأوضح المحلل الرئيس لقسم التنقيب والإنتاج بالشرق الأوسط لدى شركة وود ماكنزي، ألكسندر أرامان، أنه كلما أثبتت السعودية وجودها ومكانتها الريادية، تعقبها على الفور أدنوك بخطط أكثر قوة.